منذ سنوات طويلةٍ ومع ظهور أولى الهواتف الخليوية، ظهرت خدمة الرسائل القصيرة SMS والتي -كما يشير اسمها- سمحت لمستخدمي الهاتف المحمول تبادل الرسائل النصية القصيرة وهي الخدمة الوحيدة التي كانت توفرها الهواتف إلى جانب الاتصال الصوتي في ذلك الحين.
مع تطور الهواتف المحمولة وقابليتها للاتصال بالإنترنت، وثم مع ظهور الهواتف الذكية وتطبيقات الدردشة قل بشكلٍ كبير الاعتماد على خدمة الـ SMS في ظل وجود واتساب وفايبر وتيليغرام ومثيلاتها والتي تقدم ميزات غنية كمشاركة الصور والدردشة الجماعية ومكالمات الصوت والفيديو.
من ميزات SMS أنها تتيح لك التواصل مع أي شخص في العالم عبر رقم هاتفه فقط ودون الحاجة لقيام الطرف الآخر بتثبيت أية تطبيقات خاصة ودون أي اتفاقات أو ترتيبات مُسبقة حول التطبيق الذي يستخدمه الطرفان، بل يتم ذلك عبر تطبيق SMS الافتراضي الموجود في جميع الهواتف وبسهولة شديدة. المشكلة الوحيدة هي أن SMS محدودة جدًا وفقًا لمتطلباتنا الحالية.
لكن تطويرًا جديدًا وكبيرًا بدأ بالوصول فعلًا إلى خدمة SMS قد يُغير كل شيء، وهو تقنية RCS التي ستُعيد خدمة SMS إلى الواجهة، وقد تسرق المجد من واتساب وأخواته خلال سنوات قليلة.
ما هي تقتية RCS ؟
هي اختصار لعبارة Rich Communication Services وهو عبارة عن معيار جديد تم اعتماده من جمعية GSMA وهي الجمعية المسؤولة عن وضع معايير الاتصال الخاصة بشبكات التشغيل والهواتف المحمولة.
يمكن اعتبار RCS بأنها الجيل الجديد من خدمتي SMS و MMS. الجيل الذي يواكب متطلبات العصر لو صح التعبير. يتيح هذا المعيار كل الميزات الأساسية التي تتيحها تطبيقات الدردشة الشهيرة، حيث يقدم مجموعة من الميزات أبرزها:
- مشاركة الصور ومقاطع الفيديو
- إرسال الرموز التعبيرية
- الدردشة الجماعية
- المكالمات الصوتية والمرئية
- مشاركة الموقع الجغرافي
- معرفة حالة الرسائل (تم الاستلام، تمّت القراءة، .. الخ)
- المعرفة فيما إذا كان الطرف الآخر يكتب حاليًا
الفارق الجوهري بين RCS وواتساب (مثلًا) هو أن التواصل عبر RCS لا يتطلب إلّا تطبيقًا داعمًا للتقنية المعيارية، وهذا يمكن أن يكون تطبيق الرسائل الافتراضي الذي يأتي مع أي هاتف. تمامًا كما تستخدم SMS مع فارق أنك تستطيع (إضافةً إلى النصوص) إرسال الصور والفيديو وغير ذلك.
هل التقنية متوفرة الآن؟
نعم، لكن بشكلٍ محدود إلا أن انتشارها يزداد تدريجيًا. لاستخدام التقنية يجب أن تتوفر ثلاثة عوامل: دعم شركات الاتصال، دعم من الهاتف نفسه، وتطبيق يدعم التقنية. بالنسبة لشركات الاتصال فقد بدأت العديد من الشركات في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا بدعم RCS، حيث تتوفر الخدمة حاليًا لملايين المستخدمين حول العالم. كما أن شركات الهواتف قد بدأت بدعمها منذ أكثر من عامين، وهي موجودة في معظم الهواتف الذكية الحديثة نسبيًا. أما بالنسبة لدعم التطبيقات فقد بدأت العديد من تطبيقات الـ SMS بدعمها فعلًا على أندرويد و iOS من أبرزهاتطبيق الرسائل الافتراضي الخاص بجوجل (Messenger).
تُعتبر جوجل من أبرز الشركات الداعمة (والمطورة للتقنية)، والهدف المرجو هو أن تصبح RCS في المستقبل القريب متوفرة بشكلٍ افتراضي لدى جميع شبكات المحمول، وفي جميع الهواتف تمامًا كخدمة SMS.
هل تهدد RCS تطبيقات الدردشة التقليدية؟
من الناحية النظرية على الأقل، الإجابة هي نعم. يكفي أن تمتلك رقم هاتف أي شخص لتتواصل معه بسهولة دون أن تسأله عن تطبيقات الدردشة التي يستخدمها ودون أن تضطر لتثبيت تطبيقٍ جديد فقط لأن الطرف الآخر لا يستخدم نفس تطبيقات الدردشة التي تستخدمها. ولو كانت هذه التقنية موجودة منذ البداية (قبل ظهور تطبيقات الدردشة الحالية) لربما كان المشهد مختلفًا بشكلٍ كبير اليوم.
لكن من الناحية العملية قد تحتاج هذه التقنية -كأية تقنية حديثة- إلى عدة سنوات قبل أن تُصبح مدعومةً من الجميع. وأعتقد أن الشركات المطورة لتطبيقات الدردشة ستحاول جاهدةً دعم تطبيقاتها بميزات إضافية لا توفرها RCS. أنا مثلًا من المستخدمين الذين سيقومون ومنذ اللحظة الأولى التي ستصبح فيها التقنية متوفرة افتراضيًا لدى الجميع، بحذف جميع تطبيقات الدردشة الموجودة لدي واعتماد RCS فقط. وهنالك الكثير ممن سيقومون بنفس الأمر للتخلص من تطبيقات الدردشة المتعددة التي تستهلك موارد الهاتف وتوفر وقت المستخدم في التعامل مع تطبيقات عديدة تؤدي كلها نفس الغرض. من جهةٍ أخرى هناك فئة من المستخدمين تهتم فعلًا بالأشياء التي يراها الآخرون سخيفة مثل تصاميم المُلصقات المتوفرة في هذا التطبيق أو ذاك وبالتالي فإن مثل هذه الميزات قد تُبقيها مع التطبيقات التقليدية التي اعتادت عليها والتي تُقدم ميزات (كمالية) يحبها البعض.
ليست هناك تعليقات